بعد سلسلة من الحروب والحصار فجرت غزة فجر السابع من تشرين الأول ٢٠٢٣ عمليات طوفان الأقصى التي فاجأت المخابرات الإسرائيلية وأذلت حكم إسرائيل العنصريين وألحقت الأذى بألاف المواطنين الإسرائيليين لأول مرة في الصراع المتواصل على أرض فلسطين منذ نكبة عام ١٩٤٨ وكان لهذا الطوفان تداعيات على مختلف الصعد من حيث المبدأ كان القصد من عملية طوفان الأقصى رفع الحصار عن غزة وتحرير المسجد الأقصى وكامل فلسطين من الاحتلال الصهيوني ، وفي واقع الأمور شكّل طوفان الأقصى خطوة متهورة وغير محسوبة النتائج فانعكسها طوفانا مدمرا وبربريا على غزة والضفة الغربية ، وعدوانا همجيا على الدول المحيطة بإسرائيل وكانت له تداعيات على مستوى العالم وانقسامات بين مناصر للحق الفلسطيني ومؤيد لارتكابات إسرائيل بحجة حقها في الدفاع عن وجودها المهدد في المنطقة .كما أحدث انقساما بين حكام العديد من الدول في أوروبا عامة وفي الولايات المتحدة خاصة وبين الطلاب والشباب في هذه الدول ترجم مواجهات شعبية صاخبة في الشوارع واصطدامات مع القوى الأمنية واتخاذ الحكام تدابير قمعية في حق المتظاهرين ومستقبلهم التعليمي في الجامعات بحجة العداء للسامية .
دعم الحكام وخاصة الإدارة الأمريكية المنحازة كليا إلى جانب حكومة إسرائيل ، تمدها بالمال والسلاح والعتاد الحربي وتحميها من أي محاسبة سياسية أو قانونية قضائية .ساعد إسرائيل على الماضي في ارتكاباتها الإجرامية واللا إنسانية بحق الشعب الفلسطيني سواء في غزة أم في الضفة الغربية والعدوان على لبنان وسوريا واليمن وتهديد العراق والضغط على مصر والأردن والسعودية . وفتح شهية حكام إسرائيل العنصريين التلموديين للتوسع أكثر في المنطقة الشرق أوسطية وإقامة شرق أوسط جديد تديره إسرائيل وترعاه وتحميه الولايات المتحدة وفرض سلام القوة أي الاستسلام على شعوب المنطقة لمزاجية ترامب والتنكر لسلام الحق والعدل المطلوب لحل النزاعات في المنطقة . إلا أن مزاجية ترامب وعنجهيته النرجسية الشعبوية وعنصرية نتنياهو التلمودية دفعت بهما إلى ارتكاب مغامرات أكبر وادهى. ففي شهر حزيران ٢٠٢٥ فاجأ نتنياهو العالم بشن حرب مدمرة على إيران التي اعتبرها حجر عثرة وسط طموحاته التوسعية في المنطقة ، ثم تلى ذلك مفاجأة من ترامب بالمشاركة الجوية في المعارك الدائرة في إيران بحجة أن البرنامج والصاروخي الإيراني يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل ويجب تدميره كليا . هذه الحرب على إيران دامت ١٢ يوما وانتهت بمفاجأة ترامبية أعلنت وقف الحرب وبشرت بمرحلة سلام ووفاق .يحلم ترامب أن يسود في المنطقة، الأمر الذي يؤهله لاستحقاق جائزة نوبل للسلام .
غير أن الأمور لم تسلك هذا المسار فالحرب لم تحسم شيئا على الأرض وسمحت لكل من أطرافها ادعاء النصر ، واستمر التوتر وأسدل الستار على السلام المزعوم وفي لقاء النصر بين ترامب ونتانياهو في أعقاب الحرب على إيران تم التوافق على أن الوضع الآن ملائم لهما بتجديد العدوان الغاشم على غزة وتحقيق الأهداف المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة بإبادة شعب غزة قصفا وحصارا ومنع عنه الغذاء والماء والدواء وتلويث الهواء وإجبار بعضه على الهجرة من غزة المفترض تحويلها إلى ريفييرا في شرق البحر المتوسط وفي الوقت عينه التضييق على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والتوسع في حركة الاستيطان للقضاء على أية مطالبة بإقامة دولة فلسطينية فعلية فيها .
إن ما تمارسه إسرائيل ولا زالت من ارتكابات ومجازر لم يحقق لها أي من أهدافها بل على العكس أحدث صحوة ضمير على مستوى العالم عامة وأوروبا خاصة كانت له ترجمته مؤتمرا تقوده فرنسا والسعودية في حرم منظمة الأمم المتحدة في نيويورك خلال شهر تموز 2025 جدد ضرورة العمل لتنفيذ القرار الأممي بإقامة دولة فلسطينية في فلسطين إلى جانب دولة إسرائيل . هذا الإعلان شق طريقه باندفاع العديد من الدول الفاعلة في العالم رغبتها في الاعتراف بالدولة الفلسطينية غير عائبة باستخفاف ترامب بهذا الاعتراف وتحديد كل من يسلك هذا المسلك المعادي للسامية إلى العقوبات الأمريكية ولا بنكران حكام إسرائيل الاعتراف بهذا الحق والرفض المطلق بقيام دولة فلسطينية مستقلة لأن هذه المواقف الرافضة لن تمكن إسرائيل والولايات المتحدة من تحقيق طموحاتهما بإقامة الشرق الأوسط الجديد كما يريدونه فقط. فلا أمن ولا استقرار ولا سلام في منطقة الشرق الأوسط إلا باستجابة المطالب المحقة للفلسطينيين . فهل سيدرك ترامب بمزاجيته هذه الحقائق ويستجيب لرغبة المملكة العربية السعودية في إقامة السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط تكون إسرائيل جزءا منه وليس سيدة عليه أم سيماشي اندفاعات نتنياهو الشمشونية ” علي وعلى أعدائي يا رب ” ترامب اختار أن يستمر في دعم ارتكابات نتنياهو التي يجمع العالم على إدانتها