قبل 65 عاماً ، رسم خريطة طريق إنقاذ لبنان وإعادة بناء الدولة، فلم يجد آذاناً صاغية فوصل لبنان إلى ما يعاني منه اليوم . فهل من يستوعب اليوم ويستجيب؟ ومن كلام المعلم كمال جنبلاط نبدأ لعل في التذكير إفادة .

يجب قبل أي شيء آخر أن يكون لنا أرض ووطن قبل أن نفكر بتطبيق أي نظام على هذه الأرض وهذا الوطن. البدار البدار والسرعة كل السرعة في معالجة كل الأمور في جذورها وأعماقها والتلاقي والتحاور من أجل

  • طرد الروح الطائفية من النفوس والنصوص وهذه الروح الشريرة التي تتسبب بظهور التطرف والمغالاة
  • تطهير أجهزة الإدارة من نزعات الفساد والرشوة واستغلال النفوذ
  • انتهاج سياسة الجسر الوطني الرابط والصاهر  لمختلف نشاطات الشعب اللبناني فيما يتعدى نزعاتهم وطوائفهم وأحزابهم المذهبية والسياسية
  • الإسراع في إنقاذ لبنان من الانهيار قبل فوات الأوان.

( المرجع من مقال له نشرته جريدة الأنباء في 14-3-1959 )

 

وبعد طول انتظار في مطلع العام الحالي 2025 مع انتخاب الجنرال جوزيف عون رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، سادت في لبنان موجة عارمة من الفرح والأمل بالخروج من المعاناة التي طال أمدها وعطلت كل شيء في لبنان انهيار السلطات يطال المؤسسات والإدارات ومختلف القطاعات، وذلك بسبب المناكفات والمنازعات الفئوية والمذهبية والطائفية والاستقواء بأطراف خارجية أقليمية ودولية على الشركاء في الوطن.

كان من حق اللبنانيين أن يحلموا ويأملوا بأن الخلاص من المحن والانقاذ بات في متناول اليد شجعهم على ذلك ما سمعوه من الرئيس المنتخب للجمهورية في خطاب القسم من وعود وعهود بالرغبة والتصميم على إعادة بناء الدولة، ومن رئيس الحكومة في بيانها الوزاري الذي تبنت فيه كل ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية والعمل على تحقيقه، فما الذي حصل ويتواصل ويبدد أمل اللبنانيين بالإصلاح والإنقاذ الموعود الوعود كانت جذابة وواعدة ولكن الحقائق على أرض الواقع جاءت مخيبة فما من مشروع إصلاحي أو قرار سيادي اتخذته السلطة التنفيذية إلا واجهه الأطراف السياسيون في الداخل والمتدخلون الخارجيون بلاءات وضغوط وشروط متناقضة للعرقلة والتعطيل والإفشال لغايات فئوية حزبية ومذهبية داخلية موجهة ومدعومة من الأطراف الإقليمية والدولية لكل منها مشروعه المحوري لمنطقة الشرق الأوسط الجديد. وهكذا أصبح لبنان الرسمي والشرعي رهينة للمواقف والمشاريع المتناقضة عاجزا عن العمل حيث لا إصلاح ولا إنقاذ بل ارتباك وتردد وتعطيل وانتظار المجهول القاتل، وتصاعد التهديد العدواني الإسرائيلي وعدم التقيد بتنفيذ مندرجات القرار الأممي ١٧٠١  ، المؤشرات لا تبشر بالخير : الانقسامات الداخلية تتفاقم والضغوط الخارجية تتزايد لا أمان ولا استقرار ولا إعمار ولا إصلاح في لبنان قبل تحقيق السيادة وحصرية السلاح والقرار لا يقابلها حصرية للسلاح قبل وقف العدوان والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وتحرير الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وإعادة الاعمار واحتضان الطائفة الشيعية المجروحة لبنان اليوم بات في مأزق مصيري وجودي أفقه مسدود لم يعد الوضع قابل للاستمرار ولم تعد المهدئات تنفع في مواجهة هذا الكم من الضغوط والتهديدات والمماحاكات والتعطيل . الوقت المتاح أمام السلطة اللبنانية ومعها سائر القوى السياسية المستمرة في المناكفات والتعطيلات والمنازعات بات ضيقا جدا فما بل المسؤولين عن كل ما يواجهه لبنان اليوم من مآزق وأزمات وجودية يواصلون التردد والتشاطر بدلا من الحسم والعزم واتخاذ ما يلزم من تدابير وقرارات للإصلاح والإنقاذ التي تعهدوا للبنانيين باتخاذها لإعادة بناء الدولة واستعادة الاستقلال وإنهاء الاحتلال ووقف العدوان لينعم لبنان بالأمن والسلام. على الجميع أخذ العبرة مما أعلنه وطالب به المعلم كمال جنبلاط وأوردناه في مطلع هذا المقال إذا كانوا يريدون فعلا بناء دولة في لبنان.